dimanche 2 janvier 2011

المواطنة والوطنية



المواطنة والوطنية

تمهيد:


ما أبعد الشقة بين الكلام والعمل وما أبعد المسافة بين النصوص والواقع، وعلي أي حال فهذه سمة من سمات التخلف، أن يكون الكلام والنصوص في ناحية والعمل والواقع في ناحية، الحقوق بعيدة كل البعد ومختلفة كل الاختلاف.
ما الذي نعنيه عندما نتحدث عن المواطنة ؟

نعني أن الرابطة في الدولة الحديثة بين الدولة والشعب، هي رابطة تقوم علي علاقة الجنسية، فكل من يحمل جنسية الدولة، يعد من مواطني الدولة، ومواطنو الدولة يتمتعون بنفس الحقوق، ويتحملون ذات الواجبات، وفي ذلك يقول الدستور المغربي:
الفصل الخامس    "جميع المغاربة سواء أمام القانون".
لا تفرقة بينهم بسبب الدين أو الجنس أو الاعتقاد، فكل مغربي يساوي أي مغربي آخر بصرف النظر عن لونه أو دينه أو جنسه أو اعتقاده.
المسيحي والمسلم واليهودي ومن لا دين له كلهم مواطنون، الأبيض والأسود ومن هو بين بين كلهم مواطنون، الماركسي والرأسمالي والاشتراكي ومن يؤمن بالتعاون ومن لا يؤمن بشيء من ذلك كله كلهم مواطنون، وبما أنهم جميعاً مواطنون فهم جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات.
هذا هو معني المواطنة. المواطنون أمام القانون سواء.
هذا ركن من أركان الدولة الحديثة، ولكن هذا الركن ليس وحده الذي تقوم عليه الدولة.
يكمل هذا الركن ويجعله فاعلاً ركن آخر يقول:
الفصل الرابع    "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، ويجب على الجميع الامتثال له، وليس للقانون أثر رجعي".
سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، ذلك أنه لا يكفي أن يوجد القانون ـ فما أكثر القوانين حين تعدها ـ وإنما يجب أن يكون القانون محترماً، يجب أن يكون القانون فوق الإيرادات جميعاً، أرادات الحاكمين قبل أرادات المحكومين، وهذا هو معني سيادة القانون.
ودستورنا بعد أن قال القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة أردف قائلاً ويجب على الجميع الامتثال له بما فيهم الدولة نفسها.

وهذا نص رائع وجميل.
ويبقي السؤال: هل هذا النص مطابق للواقع الفعلي أم هو مجرد نص جميل في وثيقة يقال لها الدستور.
الأمر يتوقف علي ركن آخر من أركان الدولة الحديثة ويرتبط به ارتباطاً لا يقبل الانفصال، ذلك الركن يعني أن الدولة الحديثة هي دولة مؤسسات وليست دولة أفراد، وأن الأفراد في الدولة الحديثة لا "يملكون" سلطة وإنما يباشرون "اختصاصاً" وهذا الاختصاص يحدده القانون، ومن يخرج علي القانون من الحكام أو يجاوز اختصاصه المرسوم فإنه يخرج علي مبدأ المشروعية الذي هو أيضاً ركن من أركان الدولة الحديثة.
وهذا ما نص عليه الدستور المغربي:
الفصل الثاني   "السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة المؤسسات الدستورية".
فهل نحن فعلاً دولة مؤسسات تعمل وفقاً لقاعدة القانون أم أننا دولة يحكمها أفراد لا رادع لإرادتهم ولا رقيب عليها في غالب الأحوال.
والدولة الحديثة تقوم علي فكرة التعددية وليس هناك فريق ولا أحد يملك الحقيقة أو يدعي أنه يتحدث باسم الحقيقة المطلقة، الدولة الحديثة دولة تتعدد فيها الآراء وتختلف وتتفق وتتحاور ومعيار الترجيح هو قانون الأغلبية.
والأغلبية وفقاً لكل الأنظمة الديمقراطية في العالم هي أغلبية متغيرة ومن هنا فإن تداول السلطة أمر طبيعي وضروري وركن أساسي من أركان الدولة الحديثة.
إن بقاء السلطة لمدد طويلة في يد فرد واحد أو أفراد معينين هو المقدمة الأساسية للاستبداد، والاستبداد هو المقدمة لكل الشرور.
هذه هي أركان الدولة الحديثة التي تقول إنها تقوم علي فكرة المواطنة.
فما هو مفهوم المواطنة باعتبارها ركيزة من ركائز الديمقراطية.
تعني المواطنة أداء واجبات محددة والتمتع بحقوق معينة. والمواطنة هي مفتاح الحرية والمسئولية، حرية شخصية ومسئولية تجاه الدولة والمجتمع وغيرنا من المواطنين. فما الذي يجعأساسية:لمواطنة من القضايا و الحقائق المهمة 
?
ثلاثة حقائق أساسية:

الحقيقة الأولى
هي أن درجة وعي الأفراد بأنهم مواطنين تختلف من فرد إلى آخر ، ويرتبط ذلك بعدة عوامل منها مستوى التعليم ونوعيته ، ومدى انخراطه في العمل العام فهناك فرق بين الشخص الواعي المتعلم والشخص الأمي الذي لا يعرف كثيراً ماله من حقوق وما عليه من واجبات ، على عكس الشخص المتعلم المثقف الذي يعرف حقوقه واجبا ته ويستطيع أن يطالب بحقوقه إذا ما تم الاعتداء عليه من قبل الدولة أو الأفراد .

الحقيقة الثانية
وهي أن المواطنة ركيزة الديمقراطية ، فلا يوجد مجتمع ديمقراطي لا يعتمد في بنيانه على كل مواطن ، والديمقراطية ببساطة هي أن يختار الشعب الحكومة وممثليه في المجالس النيابية من خلال انتخابات حرة .
الحقيقة الثالثة
وتتمثل في التفاوض الواضح بين الدول في مدى احترامها لمبدأ المواطنة ، فالدول الديمقراطية المتحضرة أنشأت القواعد والمبادئ الكفيلة باحترام الحق في المواطنة، حيث يشعر المواطن فيها بالأمن والأمان وفي الوقت ذاته يلتزم المواطن بأداء واجبا ته اتجاه الدولة والمجتمع ، هذا في حين نجد أن المجتمعات المتخلفة ما زالت تنتهك حقوق المواطنة ، ولا يشعر المواطن فيها بالأمن والأمان.
 وهذه هي الحقائق الأساسية للمواطنة الحقيقة الأولى تخص المواطن ككيان قانوني له حقوقاً وعليه واجبات ، أما الحقيقة الثانية فتربط بين المواطنة والديمقراطية وبما أن الديموقراطية مسألة سياسية فإن المواطن ينظر إليه باعتباره كيان سياسي ، وأخيراً الحقيقة الثالثة والتي تركز على مشكلة المواطنة المنقوصة أو الناقصة . ونتعرض بعد ذلك إلى كل حقيقة من هذه الحقائق.
السيادة،لرغم من أن الحضارات القديمة عرفت بدون فكرة المواطنة إلا أنها لم تبلور إلا حديثاً منذ نحو ثلاثة قرون وتحديداً مع بداية ميلاد الدولة الحديثة التي نعرفها باسم دولة القانون والمؤسسات المستندة إلى الإرادة ة الشعبية وهذه العناصر الثلاث هي :
السيادة، القانون، والمؤسسات الديمقراطية، وهي التي تعطى لمفهوم المواطنة مفهومها الحقيقي.

المواطنة ككيان قانوني :

عندما نصِف المواطنة بأنها كيان قانوني فالمقصود بذلك هو الجانب من ممارسات وسولوكيات الأفراد الذي ينظمه القانون سواء على مستوى علاقة الفرد بأفراد آخرين أو على مستوى علاقته بالدولة ، والدساتير والقوانين ما هي إلا أدوات لتنظيم هذه العلاقات، حتى يتحقق التوازن بين المصلحة العامة للمجتمع ككل والمصلحة الخاصة للفرد المواطن . ومن هذا المنطلق فإن كل فرد في المجتمع هو كيان خاضع للقانون له حقوق وعليه واجبات فإذا أخل بواجباته تعرض للعقاب وإذا ما انتهكت حقوقه يلجأ إلى القضاء للحصول على حقوقه بموجب الدستور .

المواطنة ككيان سياسي :

إن تعريف المواطن ككيان سياسي يعني أنه أساس العملية الديمقراطية، فكما ذكرنا قبل قليل أن المواطن هو الذي يختار حكامه من خلال انتخابات حرة. وعندما يباشر المواطن حقوقه السياسية من خلال الترشيح والانتخابات فسوف تأتي مجالس نيابية معبرة عن مصالح الناس أو على الأقل على قدر معقول من المصالح ، ولأن هذه المجالس هي المسئولة عن وضع التشريعات والقوانين فهي بالتالي ستحدد وفقاً للدستور الحقوق والواجبات التي يلتزم بها المواطن ككيان قانوني .

المواطنة المنقوصة:

والمقصود بها هي انتهاك حق أو حقوق المواطنة لفرد أو لمجموعة الأفراد أو الشعب كله. وقد يطول هذا الانتهاك كل من الجانبين القانوني والسياسي لمبدأ المواطنة وهناك أسباب عديدة ، لإنقاص الحق في إنقاص المواطنة لعل أهمها :
1- التمييز
2- استبداد الدولة
3- غياب مبدأ استقلال القضاء
والمواطنة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا عندما تتحقق كل الأركان ويشد بعضها بعضاً.
لا توجد مواطنة في دولة لا يسود فيها حكم القانون، لأن حقوق الأفراد وحرياتهم وواجبا تهم التي هي قوام فكرة المواطنة مرتبطة ارتباطاً ضرورياً بسيادة حكم القانون.
وعلى هذا يسوغ لنا أن نسأل.. هل نحن جميعاً مواطنون أم نحن جميعاً من الرعايا.
منذ أكثر من ستين عاماً ـ وقبل ١٩٥٢ ـ أصدر الأستاذ المرحوم خالد محمد خالد المفكر الإسلامي المستنير كتاباً بعنوان «مواطنون لا رعايا» فهل نحن محتا جون الآن لإصدار كتاب بنفس العنوان. أم إصدار كتاب بعنوان " المواطنة".


ا لصاقوط محمد        


Sakoute1@hotmail.fr

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire